نتنياهو واستراتيجية التصعيد في غزة: التفاوض تحت نيران القصف

في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء 18 مارس، ساد الهدوء المشهد في قطاع غزة قبل أن تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات مكثفة استهدفت المدنيين في منازلهم ومخيمات النازحين، وحتى المستيقظين للسحور استعدادًا لصيام يوم جديد من رمضان. هذه الغارات أسفرت عن سقوط مئات الشهداء، سواء أثناء تناولهم السحور أو خلال النهار.
بعد توقف القتال لمدة 58 يومًا منذ 19 يناير وحتى 17 مارس، أعطت تل أبيب، بدعم من واشنطن، الضوء الأخضر لاستئناف الحرب. وخلال 72 ساعة فقط، حصد العدوان أرواح ما يقرب من 600 شهيد، إضافة إلى أكثر من ألف جريح، وفق بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وسط توقعات بأن الأرقام الحقيقية قد تكون أكبر.
استخدام التصعيد ورقة ضغط في المفاوضات
قبل استئناف الحرب، طرح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف مقترحًا لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، وفقًا لرغبة نتنياهو، دون ضمانات حقيقية للانتقال إلى المراحل التالية التي تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة ومحور فيلادلفيا. لكن القصف العنيف الذي استؤنف لاحقًا أظهر رغبة نتنياهو في استخدام الحرب كأداة للضغط على حركة حماس، بهدف فرض شروطه في تبادل الأسرى وتمديد المرحلة الأولى دون التزامات إسرائيلية واضحة.
تصعيد تحت القصف لتحقيق مكاسب سياسية
يرى أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتاد على ممارسة الخداع في تعامله مع الفلسطينيين. وأوضح أن مقترح ويتكوف يمثل مبررًا لاستمرار العدوان، حيث تسعى إسرائيل للتفاوض تحت القصف لإجبار حماس على تقديم تنازلات، دون أي حلول سياسية حقيقية لمستقبل غزة. وأشار إلى أن الاحتلال قد يستمر في الغارات دون التوسع إلى عملية برية، بهدف تحقيق مكاسب تفاوضية دون الانسحاب من القطاع.
الأبعاد السياسية للعدوان: إعادة بن غفير للحكومة
إحدى الدوافع وراء استئناف الحرب هي عودة إيتمار بن غفير إلى الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو. فبحسب الرقب، نتنياهو بحاجة إلى دعم بن غفير لتمرير الموازنة العامة بنهاية مارس، مما يضمن بقاء حكومته. وبالتالي، استغل التصعيد في غزة لكسب دعم اليمين المتطرف، الذي يبتزه سياسيًا من أجل تنفيذ أجندته المتطرفة.
سيناريوهات المشهد القادم
وفقًا للمحلل السياسي الفلسطيني أشرف القصاص، يمكن أن تتجه الأوضاع إلى مسارين رئيسيين:
- تصعيد تكتيكي مؤقت: يستمر حتى نهاية الشهر الجاري، بهدف تعزيز موقف نتنياهو أمام اليمين المتطرف وتمرير الموازنة في الكنيست، مع تصعيد الضغوط العسكرية على غزة لإجبارها على تقديم تنازلات دون انسحاب إسرائيلي أو وقف للعدوان.
- توسيع دائرة الحرب: قد يؤدي التصعيد إلى تدحرج المواجهة إلى نطاق أوسع، وربما يشمل اليمن وإيران، خاصة مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، مما يفتح الباب أمام أبعاد إقليمية معقدة.
اكتشاف المزيد من EL DEEB NEWs - مجلة الديب نيوز للأخبار
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.